لما ذا كتم أمير المؤمنين عليهالسلام عن ابن الحنفيّة رأيه هذا يوم مقتل عثمان لمّا أراد الإمام عليهالسلام أن يأتي الرجل وينصره فأخذ ابن الحنفيّة بضبعيه أو بكفيّه أو بحقويه يمنعه من ذلك (١)؟
حاشا ابن الحنفيّة من الجهل بما جاء في أبيه الطاهر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : إنّه خير البريّة ، وإنّه خير البشر ، وإنّه خير من أتركه بعدي ، وإنّه خير الناس ، وإنّه خير الرجال ، وإنّه أحد الخيرتين (٢). ومحمد بن الحنفيّة هو الذي كان ينشد شاعره كثير عزّة بين يديه قوله :
أنت ابنُ خيرِ الناسِ من بعد النبي |
|
يا ابن عليٍّ سرْ ومن مثلُ علي (٣) |
وأنّى تصحّ نسبة هذه المزعمة إلى عليّ عليهالسلام وقد جاء عنه من عدّة طرق أنّه قال : حدّثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا مسنده إلى صدري فقال : «أي علي؟ ألم تسمع قوله تعالى الله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (٤)؟ أنت وشيعتك». وورد عن جابر : إنّ أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا إذا أقبل عليّ قالوا : قد جاء خير البريّة. راجع ما أسلفناه في (٢ / ٥٢). أخرجه مضافاً إلى ما ذكرناه هنالك من المصادر ابن أبي حاتم في تفسيره ، قال السيوطي في لآليه (١ / ١٢) : التزم ابن أبي حاتم أن يخرج في تفسيره أصحّ ما ورد ولم يخرج حديثاً موضوعاً البتّة. انتهى.
ولو كان يرى أمير المؤمنين أنّ أبا بكر خير الناس فلما ذا تقاعد عن بيعته إلى أن توفّيت سيدة النساء فاطمة؟ وكان له وجه عند الناس أيّام حياتها كما أخرجه البخاري (٥)
__________________
(١) الأنساب : ٥ / ٩٤ [٦ / ٢١٦]. (المؤلف)
(٢) راجع ما مضى في الجزء الثاني : ص ٥٧ ، ٣ / ٢٢ ، ٢٤. (المؤلف)
(٣) طبقات ابن سعد : ٥ / ٧٩ [٥ / ١٠٧]. (المؤلف)
(٤) البيّنة : ٧.
(٥) صحيح البخاري : ٤ / ١٥٤٩ ح ٣٩٩٨.