فيها سمّ فمات. فلمّا بلغ معاوية موته قام خطيباً في الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال : أمّا بعد : فإنّه كان لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان ، قطعت إحداهما يوم صفّين وهو عمّار بن ياسر ، وقطعت الأخرى اليوم وهو مالك الأشتر (١).
تاريخ الطبري (٦ / ٢٥٥) ، الكامل لابن الأثير (٣ / ١٥٣) ، شرح ابن أبي الحديد (٢ / ٢٩).
قال الأميني : ما أجرأ الطليق ابن الطليق الطاغية على السرور والتبهّج بموت الأخيار الأبرار بعد ما يقتلهم ، ويقطع عن أديم الأرض أُصول بركاتهم ، ويبشّر بذلك أُمّته الفئة الباغية ، ويأمرهم بالدعاء عليهم (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٢) ، (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (٣).
٨ ـ وقبل هذه كلّها ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في دفن أبي ذر سيّد غفار من قوله في لفظ الحاكم وأبي نعيم وأبي عمر : «ليموتنّ أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين» ، وفي لفظ البلاذري : «يلي دفنه رهط صالحون» ، وقد دفنه مالك الأشتر وأصحابه الكوفيّون ، كما في (٤) أنساب البلاذري (٥ / ٥٥) ، وحلية الأولياء لأبي نعيم (١ / ١٧٠) ، والمستدرك للحاكم (٣ / ٣٣٧) ، والاستيعاب لأبي عمر (١ / ٨٣) ، وشرح ابن أبي الحديد (٣ / ٤١٦) فقال : هذا الحديث يدلّ على فضيلة عظيمة للأشتر ; ؛ وهي شهادة قاطعة من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه مؤمن.
قال الأميني : ما أبعد المسافة بين هذه الشهادة وبين وصف ابن حجر إيّاه في
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٥ / ٩٦ حوادث سنة ٣٨ ه ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٤١٠ ، شرح نهج البلاغة : ٦ / ٧٦ خطبة ٦٧.
(٢) النمل : ٥.
(٣) الفرقان : ٤٢.
(٤) أنساب الأشراف : ٦ / ١٧١ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٨٨ ح ٥٤٧٠ ، الاستيعاب : القسم الأول / ٢٥٤ رقم ٣٣٩ ، شرح نهج البلاغة : ١٥ / ٩٩ كتاب ١٣.