الميّال بالطبع إلى البحث عن الزيادة ، إذا سار في طريق التوحيد فسيزداد سعادة وكمالا ، وإذا سلك طريق الكفر فسوف يتعرّض لمزيد من غضب الباري عزوجل ويكون نصيبه الضرر والخسارة.
من الجدير بالذكر أيضا أنّ الغضب الإلهي ليس بمعنى الغضب الذي يحصل للإنسان ، لأنّ هذا الغضب في الإنسان عبارة عن نوع من الهيجان والانفعال الداخلي الذي يكون سببا في صدور أفعال قويّة وحادّة وخشنة ، وفي تعبئة كافّة طاقات الإنسان للدفاع أو الانتقام ، وأمّا بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى فليس لأيّ من هذه الآثار التي هي من خواص الموجودات المتغيّرة والممكنة أثر في غضبه ، فغضبه بمعنى رفع الرحمة ومنع اللطف الإلهي من شمول أولئك الذين ارتكبوا السيّئات.
الآية التالية ترد على المشركين بجواب قاطع حازم ، وتذكّرهم بأنّ الإنسان إذا اتّبع أمرا أو تعلّق بأمر ، فيجب أن يكون هناك دليل عقلي على هذا الأمر ، أو دليل نقلي ثابت ، وأنتم أيّها الكفّار حيث لا تملكون أيّا من الدليلين فليس لديكم سوى المكر والغرور.
تقول الآية الكريمة : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) (١) فهل خلقوا شيئا في الأرض. أم شاركوا الله في خلق السماوات؟!
ومع هذا الحال فما هو سبب عبادتكم لها ، لأنّ كون الشيء معبودا فرع كونه خالقا ، فما دمتم تعلمون أنّ خالق السماوات والأرض هو الله تعالى وحده ، فلن يكون هناك معبود غيره ، لأنّ توحيد الخالقية دليل على توحيد العبودية.
والآن بعد أن ثبت أنّكم لا تملكون دليلا عقليا على ادّعائكم ، فهل لديكم دليل
__________________
(١) جملة «أرأيتم» بمعنى : ألا ترون؟ أو : ألا تفكّرون؟ ولكن بعض المفسّرين يقولون بأنّها بمعنى «أخبروني». وقد أوردنا بحثا مطوّلا بهذا الخصوص في تفسير آية (٤٠) من سورة الأنعام.