غَفُوراً).
فبمقتضى (حلمه) لا يتعجّل عقابهم ، وبمقتضى (غفرانه) يتقبّل توبتهم ـ بشرائطها ـ في أي مرحلة من مراحل مسيرهم ، وعليه فإنّ ذيل الآية يشير إلى وضع المشركين وشمول الرحمة الإلهية لهم في حال توبتهم وإنابتهم.
اعتبر بعض المفسّرين أنّ هذين الوصفين ذكرا لارتباطهما بموضوع حفظ السموات والأرض ، إذ أنّ زوالهما مصيبة عظيمة ، وبمقتضى حلم الله وغفرانه فإنّه لا يشمل الناس بمثل ذلك العذاب وتلك المصيبة ، وإن كانت أقوال وأعمال الكثير من هؤلاء الكفّار موجبة لإنزال ذلك العذاب ، كما ورد في الآيات ٨٨ إلى ٩٠ من سورة مريم (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا).
والجدير بالملاحظة أيضا أنّ جملة (وَلَئِنْ زالَتا) ليست بمعنى أنّه «إذا زالت فليس أحد غير الله يحفظها» ، بل بمعنى «أنّها إذا شارفت على السقوط والزوال فإنّ الله وحده يستطيع حفظها ، وإلّا فلا معنى للحفظ بعد الزوال».
وقد حدث ـ على طول التاريخ البشري ـ مرارا أنّ علماء الفلك توقّعوا أنّ «النجم الفلاني» المذنّب أو غير المذنّب سيمرّ بمحاذاة الكرة الأرضية ويحتمل أن يصطدم بها ، هذه التوقّعات تدفع جميع الناس إلى القلق ، وفي هذه الشرائط يحسّ الجميع بأنّه في مثل حادث كهذا ، ليس في إمكان أحد أن يؤثّر شيئا ، بحيث لو انطلقت إحدى الكرات السماوية باتّجاه الكرة الأرضية واصطدمتا فيما بينهما بتأثير الجاذبية فلن يبقى للتمدّن البشري أثر ، وحتّى الموجودات الاخرى سوف لن يبقى لها أثر على سطح الأرض ، ولن تستطيع أيّة قدرة عدا قدرة الله منع مثل هذه الكارثة من الوقوع.
في مثل تلك الحالات يحسّ الجميع بالحاجة الماسّة والمطلقة إلى الله سبحانه وتعالى ، ولكن بمجرّد أن تزول احتمالات الخطر ، يلقي النسيان بظلاله على