«القلم» هي المفاهيم المعنوية لها ، وليس واقعها المادّي.
من الطبيعي أنّه لا يمكن حمل ألفاظ القرآن على غير معانيها الظاهرية بدون قرينة ، ولكن حيثما ظهر أثر لتلك القرائن فليس هناك مشكلة.
ورد في بعض الروايات أنّ «جبرئيل» رسول الوحي الإلهي ، له ستمائة جناح ، وكان يملأ ما بين الأرض والسماء حينما يلتقي به الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
أو ما ورد في «نهج البلاغة» حينما تحدّث أمير المؤمنين عن عظمة الملائكة.
فقال : «ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم ، والمارقة من السماء العليا أعناقهم ، والخارجة من الأقطار أركانهم ، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم» (٢).
أو أنّ هناك ملائكة ما بين شحمة آذانهم وعيونهم مسيرة خمسمائة عام من الطيران (٣).
ومن الواضح انّ هذه التعبيرات لا يمكن حملها على البعد الجسماني والمادّي ، بل المراد بيان العظمة المعنوية وأبعاد القدرة.
ونعلم أنّ الجناح ـ عادة ـ يستفاد منه في جو الأرض ، لأنّ الأخيرة محاطة بغلاف غازي من الهواء الضاغط ، والطيور إنّما تستفيد من أمواج الهواء للطيران ، والارتفاع والانخفاض ، ولكن بمجرد خروجنا من المحيط الغازي للأرض حيث ينعدم الهواء فانّ الجناح ليس له أدنى تأثير في تحقيق الحركة ، ويكون حاله حال سائر الأعضاء.
ناهيك عن أنّ الملك الذي تكون أقدامه في أعماق الأرض ورأسه أعلى من أعلى السموات ، ليس له حاجة إلى الطيران الجسماني!!
البحث في هل أنّ «الملائكة» أجسام لطيفة أو من المجردات بحث آخر ،
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٣٤٩ ـ ح ٢٠.
(٢) نهج البلاغة ، خطبة رقم ١.
(٣) تفسير علي بن إبراهيم طبقا لما نقله نور الثقلين ، المجلّد ٤ ، الصفحة ٣٤٩.