سنشير له في البحوث ان شاء الله. المقصود الآن هو أن نعلم أنّ الجناح والريش بالنسبة لها وسيلة الفعّالية والحركة والقدرة ، والذي عبّرت عنه القرائن المشار إليها أعلاه بقدر كاف ، بالضبط كما قلناه بالنسبة لـ «العرش» و «الكرسي» ، فانّ هاتين الكلمتين تشيران إلى قدرة الله في العالم من أبعاد مختلفة!!
وفي حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام «الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون ، وإنّما يعيشون بنسيم العرش» (١).
السؤال الثالث : هل أنّ عبارة (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) إشارة إلى زيادة أجنحة الملائكة؟ كما قال به بعض المفسّرين؟ أم أنّ لها معنى أوسع من ذلك بحيث يشمل عدا الزيادة في أجنحة الملائكة الزيادات التي تحصل في خلق الموجودات الاخرى؟
إطلاق الجملة من جهة ، ودلالة بعض الروايات التي جاءت في تفسير هذه الآيات من جهة اخرى ، يشير إلى أنّ المعنى الثاني هو الأنسب.
فمن جملة ما ورد ، حديث عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير هذه الجملة أنّه قال : «هو الوجه الحسن ، والصوت الحسن ، والشعر الحسن».
ونقر في حديث آخر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حسّنوا القرآن بأصواتكم فإنّ الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا» وقرأ (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ).
بعد الحديث عن خالقية الله سبحانه وتعالى ، ورسالة الملائكة الذين هم واسطة الفيض الإلهي ، تنتقل الآيات إلى الحديث عن رحمة الله سبحانه ، والتي هي الأساس لكلّ عالم الوجود ، تقول الآية الكريمة : (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
الخلاصة أنّ تمام خزائن الرحمة عنده ، وهو يشمل بها كلّ من يراه أهلا لها ، ويفتح أبوابها حيثما اقتضت حكمته ، ولن يستطيع الناس بأجمعهم أن يغلقوا ما
__________________
(١) في معنى «العرش» راجع شرحنا لهذه الكلمة في تفسير الآية (٥٤) من سورة الأعراف.