الكريمة : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١).
بعد ذلك تضيف الآية (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) (٢).
التأكيد على «العزيز» كصفة لله سبحانه وتعالى ، لأجل بيان قدرته سبحانه وتعالى في قبال كتاب كبير كهذا ، كتاب يقف معجزة شامخة على مرّ العصور والقرون ، ولن تستطيع أيّة قدرة مهما كانت أن تمحو أثره العظيم من صفحة القلوب.
والتأكيد على «رحيميته» لأجل بيان هذه الحقيقة وهي أنّ رحمته أوجبت أن تقيّض للبشر نعمة عظيمة كهذه.
بعض المفسّرين قالوا بأنّ هاتين الصفتين ذكرتا للإشارة إلى نوعين من ردود الفعل المحتملة من قبل الناس إزاء نزول ذلك الكتاب السماوي وإرسال النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلو أنكروا وكذّبوا ، فإنّ الله سبحانه وتعالى يهدّدهم بعزّته ، ولو دخلوا من باب التسليم والقبول ، فإنّ الله يبشّرهم برحمته الخاصّة.
وعليه فإنّ عزّته ورحمته إحداهما مظهر للإنذار والاخرى للبشارة ، وباقترانهما جعل هذا الكتاب السماوي العظيم في متناول البشرية.
هنا يطرح سؤال : هل يمكن إثبات حقّانية الرّسول أو الكتاب السماوي ، بواسطة قسم أو تأكيد؟
الجواب تستبطنه الآيات المذكورة ، لأنّها من جانب تصف القرآن بالحكيم ، مشيرة إلى أنّ حكمته ليست مخفية عن أحد ، وذلك دليل على حقّانيته.
__________________
(١) اختلف المفسّرون في تركيب جملة (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) بعضهم قال «إنّها جار ومجرور» متعلّقان بـ «المرسلين» ، بحيث يكون المعنى «رسالتك على صراط مستقيم» وبعضهم قال : «إنّها خبر بعد خبر» والمعنى «إنّك مستقر على صراط مستقيم» ، والبعض الآخر اعتبروها (حال) منصوبة والمعنى «إنّك من المرسلين وحالك على صراط مستقيم» (من الطبيعي أن ليس هناك تفاوت كثير في المعنى).
(٢) «تنزيل» مفعول منصوب لفعل مقدّر والتقدير «نزل تنزيل العزيز الرحيم» ، كذلك فقد وردت احتمالات اخرى لإعراب هذه الجملة.