كما أنّ الليل لا يتقدّم على النهار ، بحيث يدخل جزء منه في النهار ، فيختلّ النظام الموجود ، بل إنّهما ـ على مدى ملايين السنين ـ ثابتان على مسيرهما دون أدنى تغيير.
يتّضح ممّا قلنا أنّ المقصود من حركة الشمس في هذا البحث ، هي الحركة بحسب حسّنا بها ، والملفت للنظر هنا ، هو أنّ هذا التعبير عن حركة الشمس ظلّ يستعمل حتّى بعد أن ثبت للجميع بأنّ الشمس هي المركز الثابت لحركة الأرض حولها ، فمثلا يقال : إنّ الشمس قد تحوّلت إلى برج الحمل ، أو يقال : وصلت الشمس إلى دائرة نصف النهار ، أو أنّ الشمس بلغت الميل الكامل (الميل الكامل هو بلوغ الشمس إلى أقصى نقطة ارتفاع لها في نصف الكرة الأرضية الشمالي في بداية الصيف أو بالعكس أدنى نقطة انخفاض في بداية الشتاء).
هذه التعبيرات تدلّل دوما على أنّه حتّى بعد أن تمّ الكشف عن دوران الأرض حول الشمس وثبات الأخيرة ظلّت تستخدم ، لأنّ النظر الحسّي يستشعر حركة الشمس وثبات الأرض ، ومن هنا تستعمل هذه التعبيرات ، وعلى هذا أيضا يكون قوله تعالى : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ).
كذلك يحتمل أن يكون المقصود من (السباحة) هنا حركة الشمس في فلكها مع المنظومة الشمسية والمجرّة التي نحن فيها ، حيث أنّ الثابت علميا حاليا أنّ المنظومة الشمسية التي نعيش فيها جزء من مجرّة عظيمة هي بدورها في حالة دوران. إذ أنّ «فلك» كما يقول أرباب اللغة بمعنى : بروز واستدارة ثدي البنت ، ثمّ أطلقت على القطعة المدوّرة من الأرض أو الأشياء المدوّرة الاخرى أيضا ، ومنه اطلق على مسير الكواكب الدوراني.
جملة (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) في إعتقاد الكثير من المفسّرين ، إشارة إلى كلّ من الشمس والقمر والنجوم الاخرى التي تتّخذ لنفسها مسارات ومدارات ، وإن لم يرد ذكر النجوم في الآية ، ولكن بملاحظة ذكر «الليل» واقتران ذكر النجوم مع