الرفيعة ، أو الكفّار الموغلين في الكفر والجحود فإنّ البرزخ بالنسبة إليهم عالم واضح المعالم ، وهم فيه أيقاظ يهنأون في النعيم أو يصطرخون في العذاب.
احتمل بعضهم أيضا أنّ هول ودهشة القيامة شديدان إلى درجة أنّ العذاب في البرزخ يكون شبه النوم بالنسبة إلى ما يرونه في القيامة.
ثمّ تقول الآية لبيان سرعة النفخة : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ).
وعليه فإحياء الموتى وبعثهم من القبور وإحضارهم في محكمة العدل الإلهي لا يحتاج إلى مزيد وقت ، كما كان الأمر عند هلاكهم ، فالصيحة الاولى للموت ، والصيحة الثانية للحياة والحضور في محكمة العدل الإلهي.
واستخدام تعبير «الصيحة» والتأكيد عليها بـ «واحدة» وكذلك التعبير بـ «إذا» في مثل هذه الموارد ، إنّما هو للإشارة إلى وقوع غير المتوقّع ، والتعبير بـ (هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) بصيغة الجملة الاسمية دليل على الوقوع السريع لهذا المقطع من القيامة.
واللهجة الحازمة لهذه الآيات تترك أعمق الأثر في القلوب ، وكأن هذه الصيحة تقول : يا أيّها الناس النائمون ، أيّتها الأتربة المتناثرة ، أيّتها العظام المهترئة! انهضوا .. انهضوا واستعدّوا للحساب والجزاء ... فما أجمل الآيات القرآنية ، وما أروع إنذاراتها المعبّرة!!
* * *