الْكافِرِينَ) (١).
نعم ، هذه الآيات «ذكر» ووسيلة تنبيه ، هذه الآيات «قرآن مبين» يوضّح الحقّ بلا أدنى تغطية أو غمط ، بل بقاطعية وصراحة ، ولذا فهو عامل انتباه وحياة وبقاء.
مرّة اخرى نرى القرآن الكريم يجعل (الإيمان) هو (الحياة) و (المؤمنين) هم (الأحياء) و (الكفّار) هم «الموتى» ، ففي جانب يذكر عنوان «حيّا» وفي الطرف المقابل عنوان «الكافرون» ، فهذه هي الحياة والموت المعنوي اللذان هما أعلى بمراتب من الموت والحياة الظاهريين. وآثارهما أوسع وأشمل ، فإذا كانت الحياة والمعيشة بمعنى «التنفّس» و «أكل الطعام» و «الحركة» ، فإنّ هذه الأعمال كلّها تقوم بها الحيوانات ، فهذه ليست حياة إنسانية ، الحياة الإنسانية هي تفتّح أزهار العقل والفهم والملكات الرقيقة في روح الإنسان ، وكذلك التقوى والإيثار والتضحية والتحكّم بالنفس ، والتحلّي بالفضيلة والأخلاق ، والقرآن ينمي هذه الحياة في وجود الإنسان.
والخلاصة : أنّ الناس ينقسمون حيال دعوة القرآن الكريم إلى مجموعتين : مجموعة حيّة يقظة تلبّي تلك الدعوة ، وتلتفت إلى إنذاراتها ، ومجموعة من الكفّار ذوي القلوب الميتة ، الذين لا تؤمل منهم أيّة استجابة أبدا ، ولكن هذه الإنذارات سبب في إتمام الحجّة عليهم ، وتحقّق أمر العذاب بحقّهم.
* * *
__________________
(١) جملة «لينذر ...» متعلّقة بـ «ذكر» الواردة في الآية السابقة ، والبعض اعتبرها متعلّقة بـ «علمنا» أو «نزّلنا» تقديرا ، ولكن الاحتمال الأوّل هو الأنسب على ما يبدو.