باتّجاه أهداف مقدّسة ، ويصونون أشعارهم من كلّ ما لا يرضي الله ، وعلى كلّ حال فإنّ طبيعة أغلب الشعراء كما أوردناه أعلاه.
لذا فإنّ القرآن الكريم يقول في آخر سورة الشعراء : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ). (١)
طبعا فإنّ نفس هذه الآيات تشير في آخرها إلى الشعراء المؤمنين الذين يسخّرون فنّهم في سبيل أهدافهم السامية ، وهم مستثنون من ذلك التعميم ولهم حساب آخر.
ولكن على أيّة حال فإنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يمكن أن يكون شاعرا ، وعند ما يقول تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) فمفهومه أنّه مجانب للشعر لأنّ جميع التعاليم النازلة إليه هي من الله تعالى.
والملفت للنظر أنّ التأريخ والروايات تنقل كثيرا من الأخبار التي تشير إلى أنّ الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم حينما يريد الاستشهاد ببيت من الشعر ، فإنّه غالبا ما يقوله بطريقة منثورة.
فعن عائشة أنّها قالت : كان رسول الله يتمثّل ببيت أخي بني قيس فيقول :
ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا |
|
ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار |
فيقول أبو بكر : ليس هكذا يا رسول الله فيقول : إنّي لست بشاعر وما ينبغي لي (٢).
ثمّ يضيف تعالى في آخر الآية لنفي الشعر عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ).
والهدف هو الإنذار وإتمام الحجّة : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى
__________________
(١) الشعراء ، ٢٢٤ ـ ٢٢٦.
(٢) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ٤٣٣.