لَها مالِكُونَ) (١).
ولكي يستفيدوا بشكل جيّد من هذه الحيوانات : (وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ).
ولا تنتهي منافعها إلى هذا الحدّ ، بل (وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ) وعليه (أَفَلا يَشْكُرُونَ) الشكر الذي هو وسيلة معرفة الله وتشخيص وليّ النعمة.
هنا يجب الالتفات إلى بعض الأمور :
١ ـ من بين النعم المختلفة التي تغمر الإنسان ، أشارت الآية إلى نعمة وجود الأنعام ، لأنّها تشكّل حضورا دائما في حياة الإنسان اليومية ، إلى حدّ أنّ حياة الإنسان اقترنت بها ، بحيث لو أنّها حذفت من صفحة حياة الإنسان فإنّ ذلك سيشكّل عقدة ومشكلة بالنسبة إلى معيشته وأعماله ، غير أنّ الإنسان لا يلتفت إلى أهمّيتها لأنّه تعوّد رؤيتها يوميا.
٢ ـ جملة (عَمِلَتْ أَيْدِينا) كناية عن إعمال القدرة الإلهيّة بشكل مباشر ، إذ أنّ أهمّ الأعضاء التي يمارس بها الإنسان قدرته ويعبّر عنها هي يداه ، لهذا السبب كانت «اليد» كناية عن القدرة ، كأن يقول أحدهم : «إنّ المنطقة الفلانية في يدي» كناية عن أنّها تحت سيطرته ونفوذه ، ويقول القرآن في هذا الصدد (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ). (٢)
وذكر «الأيدي» هنا بصيغة الجمع إشارة إلى مظاهر متنوّعة لقدرة الباري عزوجل.
٣ ـ جملة (فَهُمْ لَها مالِكُونَ) المبتدأ بفاء التفريع ، إشارة إلى أنّ الخلق مرتبط بقدرتنا ، وأمّا المالكية فقد فوّضناها إلى الإنسان ، وذلك منتهى اللطف الإلهي ،
__________________
(١) جملة «أو لم يروا ...» جملة معطوفة على سابقتها بواو العطف ، ولكن حين دخول الهمزة الاستفهامية على الجملة فإنّها تتصدّرها ، (والرؤية) هنا بمعنى المعرفة ، أو الإبصار.
(٢) الفتح ، ١٠.