بالعذاب الإلهي (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ).
وبالطبع فإنّ اشتراكهم في العذاب لا يمنع من وجود اختلاف في المكان الذي سيلقون به جهنّم ، إضافة إلى اختلاف نوع العذاب الإلهي. إذ من الطبيعي أنّ الذي يتسبّب في انحراف الآلاف من البشر لا يتساوى عذابه مع فرد ضالّ عادي ، وهذه الآية تشبه الآية (٤٨) في سورة غافر والتي يقول فيها المستكبرون لضعفاء الإيمان بعد محاججة ومخاصمة تجري فيما بينهم : إنّنا جميعا في جهنّم ، لأنّ الله قد حكم بالعدل بين العباد (قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ).
وهذه الآية لا تنافي الآية (١٣) من سورة العنكبوت ، والتي يقول فيها الباري عزوجل (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) أي إنّهم يحملون يوم القيامة أحمالهم الثقيلة ، وأحمالا اخرى أضيفت إلى أحمالهم الثقيلة ، وذلك أثر إغوائهم وإضلالهم للآخرين وتشجيعهم على ارتكاب الذنب.
وللتأكيد أكثر على تحقّق العذاب تقول الآية التي تلتها (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) إنّ هذه هي سنّتنا ، السنّة المستمدّة من قانون العدالة.
ثمّ توضّح السبب الرئيسي الكامن وراء تعاسة أولئك ، وتقول : (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ).
نعم ، إنّ التكبّر والغرور ، وعدم الانصياع للحقّ ، والعمل بالعادات الخاطئة والتقاليد الباطلة بإصرار ولجاجة ، والنظر إلى كلّ شيء باستخفاف واستحقار ، تؤدّي جميعا إلى انحراف الإنسان.
فروح الاستكبار يقابلها الخضوع والاستسلام للحقّ والذي هو الإسلام الحقيقي ، الاستكبار الذي هو أساس الظلام ، فيما أنّ الخضوع والاستسلام هو أساس السعادة.
والذي يثير الاهتمام أنّ بعض آيات القرآن الكريم توضّح بصورة مباشرة