العذاب الإلهي الذي سيعذّب به المستكبرون (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ). (١)
لكن هؤلاء برّروا ارتكابهم للذنوب الكبيرة بتبريرات أسوأ من ذنوبهم ، كقولهم : هل نترك آلهتنا وأصنامنا من أجل شاعر مجنون (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ).
لقد أطلقوا على النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كلمة (شاعر) لأنّ كلامه كان ينفذ إلى قلوبهم ويحرّك عواطفهم ، فأحيانا كان يتكلّم إليهم بكلام يفوق أفضل الأشعار وزنا ، في الوقت الذي لم يكن حديثه شعرا ، وكانوا يعتبرونه (مجنونا) لكونه لم يتلوّن بلون المحيط الذي يعيش فيه ، ووقف موقفا صلبا أمام العقائد الخرافية التي يعتقد بها المجتمع المتعصّب حينذاك ، الموقف الذي اعتبره المجتمع الضالّ في ذاك الوقت نوع من الانتحار الجنوني ، في الوقت الذي كان أكبر فخر لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هو عدم استسلامه للوضع السائد حينذاك.
وهنا تدخل القرآن لردّ ادّعاءاتهم التافهة والدفاع عن مقام الوحي ورسالة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عند ما قال : (بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ).
فمحتوى كتابه من جهة ، وتوافق دعوته مع دعوات الأنبياء السابقين من جهة اخرى ، هي خير دليل على صدق حديثه.
وأمّا أنتم أيّها المستكبرون الضالّون ، فإنّكم ستذوقون العذاب الإلهي الأليم (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ).
ولا تتصوّروا أنّ الله منتقم ، وأنّه يريد الانتقام لنبيّه منكم ، كلّا ليس كذلك (وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وحقيقة الأمر أنّ أعمالكم سوف تتجسّد أمامكم ، لتبقى معكم لتؤذيكم وتعذّبكم ، وجزاؤكم إنّما هو نتيجة أعمالكم وتكبّركم وكفركم وعدم إيمانكم بالله
__________________
(١) الأحقاف ، ٢٠.