وممّا ذكرنا ، يتّضح أنّ ما قال به بعض المفسّرين من أنّ «الكلمة الطيّبة» هي «لا إله إلّا الله» أو «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر» أو «إثبات الرسالة للرسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم والولاية والخلافة لعلي عليهالسلام بعد التوحيد» أو ما ورد في بعض الروايات من أنّ «الكلم الطيّب» و «العمل الصالح» هو «ولاية أهل البيت عليهمالسلام» أو أمثال هذه التفاسير ، فإنّها جميعا من قبيل بيان المصاديق الأكثر وضوحا لذلك المفهوم الواسع الشامل ، وليس من قبيل وضع الحدود لذلك المفهوم. إذ أنّ كلّ كلام طيّب وصالح المحتوى يدخل تحت هذا العنوان.
على كلّ حال هو الله سبحانه وتعالى الذي يحيي الأرض الميتة بقطرات المطر ـ بمقتضى الآية السابقة ـ هو سبحانه الذي ينمي «الكلام الطيّب» و «العمل الصالح» ويوصله إلى جوار قربه تعالى.
ثمّ تنتقل الآية إلى ما يقابل كلّ ذلك فتقول : (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ).
فمع أنّ هؤلاء الفاسدين المفسدين توهّمون أنّهم بالظلم والكذب والتزوير يستطيعون كسب العزّة والمال والثروة والقدرة ، إلّا أنّهم في النهاية يضعون أنفسهم في قبضة العذاب الإلهي من جهة ، وكلّ جهودهم تذهب أدراج الرياح من جهة اخرى.
أشخاص قال عنهم القرآن : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) (١). ومنافقون اعتقدوا بعزّتهم ، وذلّة المؤمنين (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ). (٢)
وآخرون اعتقدوا بأنّ القرب من الفراعنة سبب لعزّتهم ، وأراد غيرهم الكرامة بالظلم والاضطهاد ، لكنّهم يتساقطون دوما ، والإيمان والعمل الصالح فقط هو
__________________
(١) مريم ، ٨١.
(٢) المنافقون ، ٨.