في البداية تشير إلى خلق الإنسان في مراحله المختلفة فتقول : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً).
وهذه ثلاث مراحل من مراحل خلق الإنسان : الطين ـ والنطفة ـ ومرحلة الزوجية.
بديهي أنّ الإنسان من التراب ، إذ أنّ آدم عليهالسلام خلق من تراب ، كما أنّ جميع المواد سواء التي يتشكّل منها جسم الإنسان ، أو التي يتغذّى عليها ، أو التي تنعقد منها نطفته ، جميعها تنتهي إلى مواد هي ذاتها التي يحتويها التراب.
احتمل البعض أنّ الخلق من التراب ، إشارة إلى الخلق الأوّل فقط ، أمّا الخلق من النطفة فهو إشارة إلى المراحل التالية التي أوّلها مرحلة الخلقة الإجمالية للبشر (بلحاظ أنّ وجود الجميع يتلخّص بوجود آدم عليهالسلام) وثانيها المرحلة التفضيلية بانفصال الإنسان من الآخر.
وعلى كلّ حال فإنّ مرحلة «الزوجية» هي مرحلة إدامة نسل الإنسان وحفظ نوعه ، وأمّا ما احتمله البعض من أنّ معنى «أزواجا» هنا «الأصناف» أو «الروح والجسم» وأمثالها ، فيبدو بعيدا.
ثمّ ينتقل إلى المرحلة الرابعة والخامسة ، «حمل النساء» و «الولادة» فيقول تعالى : (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ).
نعم ، الحمل والتحوّلات والتغيّرات المذهلة والمعقّدة في الجنين ، ثمّ بلوغ مرحلة وضع الحمل والاضطرابات والتغيّرات المحيّرة للامّ من جهة ، وللجنين من جهة ثانية ، بشكل وبمقدار منظّم ودقيق لا يمكن تعقّله بدون إسناده إلى العلم الإلهي اللامتناهي ، فلو أصيب النظام الذي يحكم هذه العملية باختلال ولو بمقدار رأس الإبرة لأدّى إلى عسر أو اختلال الحمل أو عملية الولادة ، ثمّ إلى ضياع الجنين وهلاكه.
هذه المراحل الخمس من حياة الإنسان ، إحداها أعجب من الاخرى وأكثر