وفي المرحلة الثانية ، قال الباري عزوجل : (وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ). ففي ذلك اليوم كان جيش الفراعنة ذا قوّة عظيمة ويتقدّمه الطاغية فرعون ، فيما كان بنو إسرائيل قوم ضعفاء وعاجزين يفتقدون لرجال الحرب وللسلاح أيضا ، إلّا أنّ المدد الإلهي وصلهم في تلك اللحظات ، وأغرق فرعون وجيشه وسط أمواج البحر ، وأورث بني إسرائيل قصور وثروات وحدائق وكنوز الفراعنة.
وفي المرحلة الثالثة من مراحل إغداق النعم على بني إسرائيل وشمولهم بعنايته ، جاء في محكم كتابه العزيز (وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ).
نعم (التوراة) هو كتاب مستبين ، أي يوضّح لهم المجهولات المبهمة ، ويجيبهم على كلّ ما يحتاجونه في دينهم ودنياهم ، كما أكّدت الآية (٤٤) في سورة المائدة ذلك (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ).
وفي المرحلة الرابعة أشار القرآن الكريم إلى نعمة معنوية اخرى منّ بها جلّ شأنه على موسى وهارون ، وهي هدايتهما إلى الصراط المستقيم ، (وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).
الطريق الصحيح الخالي من كلّ اعوجاج ، ألا وهو طريق الأنبياء والأولياء ، والذي لا يوجد فيه أي خطر من قبيل الانحراف والضلال والسقوط.
وعند ما نقرأ سورة الحمد في كلّ الصلوات ونطلب من الله سبحانه وتعالى أن يهدينا إلى الصراط المستقيم ، نقول : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ). أي إنّنا نطلب منه أن يهدينا إلى طريق الأنبياء والأولياء.
أمّا المرحلة الخامسة فإنّها أكّدت على استمرار رسالتهما والثناء الجميل عليهما ، إذ تقول الآية : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ).
وهذه العبارة نفسها وردت في الآيات السابقة بشأن إبراهيم ونوح ، لأنّ كلّ الدعاة إلى الله السالكين لطريق الحقّ ، يبقى اسمهم وتاريخهم خالدا على مرّ