تذرّع بها المشركون فيما يخصّ هذه القضيّة وعبادتهم للأصنام ، وتجيب عليهم قائلة : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) (١).
(لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).
يقول المشركون : لا تتحدّثوا كثيرا عن عباد الله المخلصين الذين أخلصهم الله لنفسه ، وعن الأنبياء العظام أمثال نوح وإبراهيم وموسى ، لأنّه لو كان الله قد شملنا بلطفه وأنزل علينا أحد كتبه السماوية لكنّا في زمرة عباده المخلصين.
وهذا مشابه لما يقوله الطلاب الكسالى الراسبون في دروسهم ، من أجل التغطية على كسلهم وعدم مثابرتهم ، لو كان لدينا معلّم وأستاذ جيّد لكنّا من الطلبة الأوائل.
الآية التالية تقول : لقد تحقّق ما كانوا يأملونه ، إذ أنزل عليهم القرآن المجيد الذي هو أكبر وأعظم الكتب السماوية ، إلّا أنّ هؤلاء الكاذبين في ادّعاءاتهم كفروا به ، ولم يفوا بما قالوا ، واتّخذوا موقفا معاديا إزاءه ، فسيعلمون وبال كفرهم (فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٢).
كفاكم كذبا وادّعاء ، ولا تعتقدوا أنّكم أكفّاء للانضمام إلى صفوف عباد الله المخلصين ، فكذبكم واضح ، وادّعاءاتكم غير صادقة ، فليس هناك كتاب خير من القرآن المجيد ، ولا يوجد هناك نهج تربوي خير من نهج الإسلام ، فكيف كان موقفكم من هذا الكتاب السماوي؟ فانتظروا العواقب الأليمة لكفركم وعدم إيمانكم.
* * *
__________________
(١) (إنّ) مخفّفة من الثقيلة وتقديرها (وإنّهم كانوا ليقولون).
(٢) في الكلام حذف تقديره (فلمّا آتاهم الكتاب وهو القرآن كفروا به فسوف يعلمون عاقبة كفرهم).