الشعور والإدراك والعقل (١).
على أيّة حال ، فالصيحة الرهيبة ليس بعدها رجوع ولا راحة ولا هدوء ولا إفاقة ، ففور شروعها تغلق كلّ الأبواب أمام الإنسان ، ولا ينفع الندم حينئذ ، إذ لا مجال لإصلاح الماضي ، ولا مجيب لصراخهم.
الآية الأخيرة في هذا البحث تشير إلى كلام آخر للكافرين حيث قالوا باستهزاء وسخريّة : ربّنا عجّل علينا العذاب قبل حلول يوم الحساب ، (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ).
فهؤلاء المغرورون بلغ بهم الغرور حتّى إلى الاستهزاء بعذاب الله ومحكمته العادلة ، وإلى القول : لم تأخّرت حصّتنا من العذاب؟!
لماذا لا يوفّينا الله بسرعة حظّنا من العذاب؟
والأقوام السابقة كانت تضمّ الكثير من أمثال هؤلاء السفهاء الذين نعقوا كالحيوانات فور نزول العذاب الإلهي عليهم ، ولم يهتمّ لنعيقهم أحد.
«قط» على وزن (جنّ) تعني قطع الشيء عرضا ، فيما تعني كلمة (قد) وهي على نفس الوزن السابق ، قطع الشيء طولا! وكلمة (قط) هنا تعني نصيبا أو سهما.
وأحيانا تعني الورقة التي يرسم عليها ، أو تكتب عليها أسماء أشخاص فازوا بالجوائز.
لهذا فإنّ بعض المفسّرين ، قالوا في تفسير الآية المذكورة أعلاه : إنّ المقصود منها هو أنّ الله سبحانه وتعالى يسلّم عباده صحائف أعمالهم قبل حلول يوم الجزاء ، وهذا الكلام قيل بعد نزول آيات قرآنية تؤكّد على أنّ هناك مجموعة تعطي صحائفها باليد اليمنى ، ومجموعة اخرى تستسلم صحائفها باليد اليسرى.
__________________
(١) بعض اللغويين قالوا بوجود عدّة فروق بين كلمة (فواق) المفتوحة و (فواق) المضمومة ، والبعض قال : إنّهما بمعنى واحد ، ومن يريد توضيحا أكثر عليه مراجعة مفردات الراغب ، وتفسير روح المعاني ، والفخر الرازي ، وتفسير أبي الفتوح ، والقرطبي ، ومصادر اللغة.