آخر الزمان كي تشملهم الصيحة.
ولكن هذا الاعتراض غير وارد ، لنفس السبب الذي ذكرناه من قبل ، وهو أنّه لا أحد من الناس يعلم لحظة نهاية العالم وقيام الساعة ، ولذا فعلى المشركين أن يترقّبوا لحظة بلحظة تلك الصيحة (١).
على أيّة حال ، فكأنّ أولئك الجهلة ينتظرون العذاب الإلهي جزاء تكذيبهم وإنكارهم لآيات الله سبحانه وتعالى ، وتقوّلهم على الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بكلام لا يليق ، وإصرارهم على عبادة الأصنام ، والظلم وإشاعة الفساد ، العذاب الذي سيحرق حصيلة أعمارهم ، أو الصيحة التي تنهي كلّ شيء في العالم ، وتؤدّي بأولئك إلى طريق لا رجعة فيه.
«فواق» على وزن (رواق) وقد ذكر أهل اللغة والتّفسير عدّة معان لها منها : أنّها الفاصل بين كلّ رضعتين ، إذ بعد فترة معيّنة من حلب الثدي بصورة كاملة يعود فينزل إليه اللبن من جديد.
وقال البعض : إنّها الفاصل بين فتح الأصابع عن الثدي بعد حلبه وإعادتها لحلبه مرّة اخرى.
وبما أنّ الثدي يستريح قليلا بعد كلّ حلبة ، فكلمة (فواق) يمكن أن تعطي معنى الهدوء والراحة.
وبما أنّ هذه الفاصلة من أجل عودة الحليب مرّة اخرى إلى الثدي فإنّ هذه الكلمة تعطي مفهوم العودة والرجوع ، كما يقال للمريض الذي تتحسّن حالته الصحيّة بأن (أفاق) وذلك لأنّه استعاد صحّته وسلامته ، كما يقال لحالة السكران الذي يصحو من سكرته وللمجنون عند ما يستعيد عقله «إفاقة» عند عودتهما إلى
__________________
(١) أمّا الرأي الذي احتمله بعض المفسّرين في أنّ المقصود هنا هو الصيحة الثانية ، والتي تطلق لإحياء الموتى وسوقهم إلى محكمة العدل الإلهيّة ، فإنّه أمر مستبعد جدّا ، لأنّه لا ينسجم مع الآية التالية والآيات السابقة.