الانتقال التدريجي من الليل إلى النهار وبالعكس ، وذلك بواسطة الشفق والغسق الذي يقلّل من مخاطر الانتقال المفاجئ من النور إلى الظلام وبالعكس (١).
ثمّ يشير إلى مسألة تسخير الشمس والقمر فيقول تعالى : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ). وأيّ تسخير أفضل من حركة هذين الكوكبين باتّجاه تحقيق المنافع المختلفة للبشر ، وهذا التسخير يعتبر مصدرا لمختلف أنواع البركات في حياة البشر ، فإنّ السحاب والريح والقمر والشمس والأفلاك في حركة دائبة لكي يستطيع الإنسان إدامة حياته ، وليفيق من غفلته فيذكر الواهب الأصلي لهذه المواهب بالنسبة إلى تسخير الشمس والقمر عرضنا شرحا في تفسير الآية الثانية من سورة الرعد والآية ٣٣ من سورة إبراهيم).
ومع ما تتمتّع به الشمس والقمر في أفلاكها من مسير دقيق ومنتظم لتؤدّي المنفعة المناسبة والجيّدة للبشر ، فإنّ النظام الذي يحكمها ليس بخالد ، فحتّى هذه السيارات العظيمة بكلّ ذلك النور والإشراق ستصيبها العتمة في النهاية. وتتوقّف عن العمل. لذا يشير تعالى إلى ذلك بعد ذكر التسخير فيقول : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى).
فبمقتضى (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (٢) ، فإنّها جميعا ستواجه مصير الانطفاء والفناء.
بعض المفسّرين ذكر تفسيرا آخر لجملة (لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ، وذلك أنّها تعبير عن حركة دوران الشمس والقمر حول محوريهما ، والتي تتمّ في الاولى في عام ، وفي الثانية في شهر واحد (٣).
ولكن بملاحظة الموارد التي استعمل فيها هذا التعبير في القرآن الكريم ـ بمعنى
__________________
(١) بحثنا موضوع التغيير التدريجي لليل والنهار في تفسير الآية (٢٧) من سورة آل عمران.
(٢) سورة التكوير ، ١ ـ ٢.
(٣) تفسير «روح البيان» و «أبو الفتوح الرازي».