انتهاء العمر ـ يتّضح أنّ التّفسير المشار إليه صحيحا ، كما أنّ التّفسير الأوّل أيضا ـ أي نهاية عمر الشمس والقمر ـ ورد في الآيات (٦١ ـ النحل و ٤٥ ـ فاطر ٤٢ ـ الزمر ٤ ـ النور ٦٧ ـ غافر).
ثمّ يقول تعالى مسلّطا الضوء على نتيجة هذا البحث التوحيدي (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) الله الذي قرّر نظام النوم والظلام والحركات الدقيقة للشمس والقمر بكلّ بركاتها. (لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (١).
«قطمير» : على ما يقول الراغب : هو الأثر في ظهر النواة ، وذلك مثل للشيء الطفيف ، ويقول «الطبرسي» في مجمع البيان والقرطبي في تفسيره : هو الغشاء الرقيق الشفّاف الذي يغلف نواة التمر بكاملها. وعلى كلّ حال فهو كناية عن موجودات حقيرة تافهة.
نعم فهذه الأصنام لا تضرّ ولا تنفع ، لا تدفع عنكم ولا حتّى عن نفسها ، لا تحكم ولا تملك حتّى غلاف نواة تمر! فإذا كانت حالها كذلك ، فكيف تعبدونها أيّها المغفّلون ، وتريدون منها حلا لمشكلاتكم.
ثمّ تضيف الآية : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) ، لأنّها قطع من الحجر والخشب لا أكثر ، جمادات لا شعور لها ، (وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ).
إذ اتّضح أنّها لا تملك نفعا ولا ضرّا حتّى بمقدار (قطمير) وعلى هذا فكيف تنتظرون منها أن تعمل لكم شيئا أو تحلّ لكم عقدة.
وأدهى من ذلك (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ). ويقولون : اللهم إنّهم لم يعبدوننا ، بل إنّهم عبدوا أهواءهم في الحقيقة.
هذه الشهادة إمّا بلسان الحال الذي يدركه كلّ شخص بآذان وجدانه ، أو أنّ الله في ذلك اليوم يعطي فيه جوارح الإنسان وأعضاءه إمكانية التكلّم فتنطق هذه
__________________
(١) التعبير بـ «الذين» الذي هو عادة لجمع المذكّر العاقل ، ذكرت هنا للأصنام بسبب إعتقاد المشركين الوهمي بهذه الموجودات الجامدة ، وقد ذكره القرآن هكذا ، ثمّ ردّ عليه بشدّة.