الشديد بخيله التي تساعده في تحقيق أهدافه العليا السامية ، وتعلّق سليمان الشديد بخيله ليس بأمر يبعث على العجب.
«طفق» باصطلاح النحويين من أفعال المقاربة ، وتأتي بمعنى «شرع».
«سوق» هي جمع (ساق) و (أعناق) جمع (عنق) ومعنى الآية هو أنّ سليمان شرع بمسح سوق الجياد وأعناقها.
ما ذكرناه بشأن تفسير هذه الآية يتطابق مع ما ذهب إليه بعض المفسّرين كالفخر الرازي ، كما تمّت الاستفادة من بعض ما ورد عن العالم الشيعي الكبير السيّد المرتضى ، إذ قال في كتابه (تنزيه الأنبياء) في باب نفي الادّعاءات الباطلة والمحرّمة التي ينسبها بعض المفسّرين ورواة الحديث إلى سليمان (إنّ الله تعالى ابتدأ الآية بمدحه والثناء عليه فقال : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) فلا يمكن أن يثني عليه بهذا الثناء ثمّ يتبعه من غير فصل بإضافة القبيح إليه ، وأنّه يتلّهى بعرض الخيل عن فعل المفروض عليه من الصلاة ، والذي يقتضيه الظاهر أنّ حبّه للخيل وشغفه بها كان عن إذن ربّه وبأمره وبتذكيره إيّاه ، لأنّ الله تعالى قد أمرنا بإرباط الخيل وإعدادها لمحاربة الأعداء ، فلا ينكر أن يكون سليمان عليهالسلام مأمورا بمثل ذلك) (١).
أمّا العلّامة المجلسي فقد ذكر في كتابه (بحار الأنوار) في باب النبوّة ، تفسيرا لهذه الآيات يشابه كثيرا ما ذكر أعلاه (٢).
على أيّة حال ـ وفق هذا التّفسير ـ لم يصدر من سليمان أي ذنب ، ولم يحدث أي خلل في ترتيب الآيات ، ولا تبدو أيّة مشكلة حتّى نعمد إلى توضيحها (٣).
والآن نستعرض تفاسير اخرى لمجموعة من المفسّرين بشأن هذه الآيات وأشهرها ، ذلك التّفسير الذي يعود بالضمير في جملتي (توارت) و (ردّوها) إلى
__________________
(١) تنزيه الأنبياء ، الصفحة ٩٣.
(٢) بحار الأنوار ، المجلّد ١٤ ، الصفحة ١٠٤.
(٣) طبقا لهذا التّفسير فإنّ الضمير في عبارتي (توارت) و (ردّوها) يعود على الخيل الماهرة والحاذقة (الصافنات الجياد).