الإنذار.
ثمّ يضيف (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ).
كلمة (القهّار) وردت في هذه العبارة ، كي لا يغترّ أحد بلطف الله ، ويظنّ أنّه يعيش في مأمن من قهر الله ، ولكي لا يغرق في مستنقع الكفر وارتكاب الذنب.
وتطرح دلائل توحيد الخالق جلّ وعلا في الالوهيّة والعبوديّة بشكل مباشر ، وتضيف (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ).
في الواقع هناك ثلاث صفات من صفات البارئ عزوجل ذكرت في هذه الآية ، وكلّ واحدة منها جاءت لإثبات مفهوم ما. الاولى «ربوبيته» لعالم الوجود ، ومالكيته لكلّ هذا العالم ، المالك المدبّر لشؤون عالم الوجود ، فهو الوحيد الذي يستحقّ العبادة والأصنام لا تملك من أمورها شيئا ولو بمقدار ذرّة.
والصفة الثانية (عزّته) وكما هو معروف فإنّ كلمة (العزيز) تطلق في اللغة على من لا يغلب ، وعلى من بإمكانه فعل ما يشاء ، وبعبارة اخرى : هو الغالب الذي لا يمكن لأحد التغلّب عليه.
فمن يمتلك مثل هذه القدرة كيف يمكن الفرار من قبضة قدرته؟! وكيف يمكن النجاة من عذابه؟!
الصفة الثالثة هي (غفّار) وكثير الرحمة ، بحيث أنّ أبواب رحمته مفتوحة أمام المذنبين ، كي لا يتصوّروا أنّ كلمتي (القهّار والعزيز) تعطيان مفهوم غلق أبواب الرحمة والتوبة أمام عباده. إذ أنّ إحداهما جاءت لبيان (الخوف) والثانية لبيان (الرجاء) ، وانعدام حالة التوازن بين الحالتين السابقتين (أي الخوف والرجاء) يؤدّي إلى عدم تكامل الإنسان ، وابتلائه بالغرور والغفلة والغرق في دوّامة اليأس وفقدان الأمل.
وبعبارة اخرى فإنّ وصف الباري عزوجل بـ (العزيز) و (الغفّار) دليل آخر على توحّده تعالى في الالوهية ، لأنّه الوحيد الذي يستحقّ العبادة والطاعة ،