وإضافة إلى ربوبيته فإنّه يمتلك القدرة على المعاقبة ، وإضافة إلى امتلاكه للقدرة على المعاقبة ، فإنّ أبواب رحمته ومغفرته مفتوحة للجميع.
ثمّ يخاطب البارئ عزوجل نبيّه الأكرم في عبارة قصيرة وقويّة (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ).
فما هو هذا النبأ الذي أشارت إليه الآية ووصفته بأنّه عظيم؟
هل هو القرآن المجيد؟
أم أنّه رسالة النبيّ؟
أم هو يوم القيامة ومصير المؤمنين والكافرين؟
أم هو توحيد الله؟
أم كلّ هذه الأمور؟
ولكون القرآن مشتملا على كلّ تلك الأمور ، وهو الجامع بينها ، وأنّ المشركين أعرضوا عنه ، لذا فإنّ المعنى الأوّل أنسب.
نعم ، فهذا الكتاب السماوي العظيم هو نبأ عظيم ، وعظمته كعظمة الكون ، وهو نازل من قبل خالق هذا الكون ، أي من الله الخالق العزيز الغفّار والواحد القهّار.
النبأ الذي لم يتقبّل عظمته الكثير من الناس حين نزوله ، فمجموعة سخرت منه واستهزأت به ، واخرى اعتبرته سحرا ، ومجموعة ثالثة اعتبرته شعرا ، ولكن لم يمض بعض الوقت حتّى كشف هذا النبأ العظيم عن أسراره ، ليغيّر مسيرة التأريخ البشري ، ويظلّ العالم بظلّه ، وليوجد حضارة عظيمة ومضيئة في كلّ المجالات ، وممّا يسترعي الانتباه أنّ الإعلان عن «النبأ العظيم» تمّ في هذه السورة المكيّة في وقت كان فيه المسلمون ـ على ما يبدو ـ في أشدّ حالات الضعف والعجز ، وكأنّ أبواب النصر والنجاة مغلقة أمامهم.
وممّا ينبغي ذكره أنّ عظمة هذا النبأ العظيم ليست واضحة حتّى يومنا هذا للعالم بصورة عامّة ، وللمسلمين بصورة خاصّة ، والمستقبل سيوضّح تلك العظمة.