طبقات المخ العجيبة ، وعلى الأغشية الرقيقة للعين ، وفي آفاق السماء وبواطن الأرض ، وفي كلّ شيء من الوجود تجد أثرا يدل على الخالق ، وشهادة تكوينية على وحدانيته وقدرته وحكمته وعلمه (سبحانه وتعالى).
إنّ ما قلناه أعلاه هو أحد التّفسيرين المعروفين للآية ، إذ بناء على هذا التّفسير فإن الآية بجميعها تتحدث عن قضية التوحيد ، وتجلّي آيات الحق في الآفاق والأنفس.
أمّا التّفسير الثّاني فيذهب إلى قضية إعجاز القرآن ، وخلاصته أنّ الله يريد أن يقول : لقد عرضنا معجزاتنا ودلائلنا المختلفة لا في جزيرة العرب وحسب ، وإنّما في نواحي العالم المختلفة ، وفي هؤلاء المشركين أنفسهم ، حتى يعلموا بأنّ هذا القرآن على حق.
فمن آيات الآفاق ما تمثّل بانتصار الإسلام في ميادين الحرب المختلفة ، وفي ميدان المواجهة الفكرية والمنطقية ، ثمّ انتصاره في المناطق التي فتحها وحكم فيها على أفكار الناس.
ثم إنّ نفس المجموعة من المسلمين التي كانت في مكّة ، كيف يسّر الله لها أمرها بالهجرة ، ثمّ انطلقت إلى بقاع الدنيا ، لتدين لدينها الشعوب في مناطق واسعة من العالم ورفع راية الإسلام.
ومن آيات الأنفس ما تمثل في انتصار المسلمين على مشركي مكّة في معركة بدر ، وفي يوم فتح مكّة ، ونفوذ نور الإسلام إلى قلوب العديد منهم.
إنّ هذه الآيات الآفاقية والأنفسية أثبتت أنّ القرآن على حق.
وهكذا فإنّ الخالق العظيم الذي يشهد على كلّ شيء ، شهد أيضا على حقانية القرآن عن هذا الطريق.
وبالرغم من أنّ لكل واحد من هذين التّفسيرين قرائن وأدلة ترجحه ، إلّا أن