(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).
ثمّ يبدأ فصلا آخر من علامات ذلك اليوم المهول ، فيضيف تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) (١).
نعم إنّ الله يختم في ذلك اليوم على أفواه المجرمين ، والمذنبين كقوله في الآية (٦٥) من سورة يس : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) ، وكذلك ما ورد في آخرها : (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) وطبقا لآيات أخر فإنّ جلودهم تبدأ بالتكلم وتكشف عن جميع الخفايا.
ثمّ يضيف تعالى في القول : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٢) ليس لهم الرخصة في الكلام ، ولا في الاعتذار والدفاع عن أنفسهم ، لأنّ الحقائق واضحة هناك ، وليس لديهم ما يقولوه ، نعم يجب أن يعاقب هذا اللسان الذي أساء الاستفادة من الحرية وسعى في تكذيب الأنبياء ، والاستهزاء بالأولياء ، وإبطال الحق وإحقاق الباطل .. يجب أن يعاقب على أعماله بالإقفال والختم ، لإبطال مفعوله ، وهذا عذاب شديد وأليم بحدّ ذاته أن لا يتمكن الإنسان هناك من الدفاع عن نفسه أو الاعتذار.
روي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «الله أجل وأعدل وأعظم من أن يكون لعبده عذر ولا يدعه يعتذر به ، لكنه فلج فلم يكن له عذر» (٣).
وبالطبع يستفاد من بعض الآيات القرآنية أنّ المجرمين يتحدثون أحيانا في يوم القيامة ، وقد ذكرنا السبب فيما سبق أنّ ذلك لتعدد المواقف في يوم القيامة ، ففي بعض المواقف يتوقف اللسان ويبدأ دور الأعضاء بالشهادة ، وأحيانا أخرى
__________________
(١) يجب الالتفات إلى أن (يوم) هنا غير منوّن ، لأنه أضيف إلى مفهوم الجملة (لا ينطقون).
(٢) قد يتساءل عن السبب في كون جملة (فيعتذرون) مرفوعة في حين أن القاعدة تنص على النصب وحذف النون ، قيل : أنّهم تركوا الاعتذار ، لأنّهم لا عذر لهم وليس لعدم الإذن الإلهي.
(٣) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٩٠ ، الحديث ٢٢.