وتشير آيات هذا الدرس الى فكرة نفي الشرك ، وبالذات فيما يرتبط برفض فكرة الولد ، ولعلّ الحكمة في ذلك أن فكرة الولد هي التي تكمن وراء النزعة العنصرية وهي من العلاقات الشاذة بين الإنسان وبين الآخرين.
إن الإنسان الذي يحسب نفسه ابنا لله ، أو يحسب آباءه هكذا ، تكون علاقته بآبائه وجماعته وعشيرته شاذّة ، تتمحور حول (الشيء) ، بينما القرآن الحكيم يهدف تحرير الإنسان من العلاقة (الشيئية) في الحياة ، سواء كانت العنصرية أو العصبية اللتان هما من أبرز العلاقات الشاذة بين الإنسان وبين الآخرين. أو غيرهما من العلاقات الشيئية التي تخالفها علاقة القيم المعنوية التي تؤكد أنه ليس هنالك علاقة بين الله والإنسان سوى علاقتين ، علاقة الخلقة ، أي أن الله خلقنا ونحن عبيده ، وعلاقة الايمان والعمل الصالح ، وبالتالي علاقة القيم ، أما أيّة علاقة أخرى كعلاقة الانتماء العصبي الجاهلي ، فانها مرفوضة في الإسلام.
يذكرنا القرآن بهذه الفكرة ، ثم ينطلق بنا الى آفاقها البعيدة فتبين أن الإنسان عبد داخر لله ، وإن كل من في السماء والأرض آت للرحمن عبدا ، ويوم القيامة تسقط كل الانتماءات والعلاقات. ويحشرون الى ربهم أفرادا لا جماعات عنصرية أو عصبيّة. لنتصوّر ذلك اليوم .. ولنبرمج حياتنا وفقه.
فلان ابن من؟ أخو من؟ ينتمي الى من؟ لنحذف كل هذه الكلمات من حياتنا ، لكي نرى الحقيقة ، التي تتلخص في أن الإنسان ابن عمله وابن إيمانه فقط ، أما الانتماءات الأخرى ، فانها جميعا باطلة وليست بحقيقة.
وأخيرا تذكر الآيات بأن القرآن جاء لكي ينذر الإنسان ، ولكن من الذي يستفيد من نذر القرآن؟ إنهم المتقون ، أما المعاندون الذين قرّروا سلفا : عدم الايمان بآيات القرآن ، ولم يخشوا المستقبل ، ولم يهدفوا خلاص أنفسهم ونجاتها من