نرسم خريطة تفصيلية لها ولشوارعها ، وأسواقها وجغرافيتها الطبيعية ، وجغرافيتها الاقتصادية ، والبشرية وما أشبه ، لكي يتضح الفرق بينها وبين المدن الأخرى؟
إن العلم هو إحاطة بدقائق الأمور ، وحدود الأشياء التي تفضلها عن سواها.
وعلم التفسير ـ بدوره ـ يجب أن يحيط خبرة بالموضوعات المتميزة في سور القرآن ، وما يميّز هذه الموضوعات عن مثيلاتها في سائر السور مع العلوم والمعارف الجديدة التي تستلهم من كلّ سورة ، ومن كلّ آية من هذه الآيات ، بل حتى الآية الواحدة التي تأتي في القرآن مرتين بنفس الألفاظ وبنفس التعابير ومن دون أية زيادة أو نقيصة يجب أن نبحث فيها عن معارف جديدة تميزها عن التي سبقتها أو تلحقها بسبب اختلاف السياق.
فهل إنّ معنى «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» في كلّ سور القرآن واحد؟ كلا .. إنّ كلّ سورة تبحث عن قضية و «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» في تلك السورة مرتبطة بتلك القضية.
إذا أراد المؤمن القيام يقول بسم الله ، وإذا أراد الطعام يقول كذلك بسم الله ، وإذا أراد الذهاب قال بسم الله ، وإذا أراد الكتابة قال أيضا بسم الله ، فهل هذه الكلمات ذات معنى واحد؟ كلا .. بل يقول بسم الله أقوم ، وبسم الله أجلس ، وبسم الله آكل ، وبسم الله أذهب ، وبسم الله أكتب ، فهو يستعين بالله الذي أعطاه القدرة على القيام ، وتفضل عليه بنعمة الطعام ، وأعطاه العقل ، وهكذا لا تعني البسملة ذات المعاني في مختلف المجالات التي ينتفع بها.
وكذلك في القرآن الحكيم نزلت ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ مع كلّ سورة ، ولم تنزل مرة واحدة في القرآن كله ، وإلّا لم يكن الرسول يجعلها في رأس كلّ سورة