وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى ، وترتيب القرآن بهذه الصورة لم يكن اعتباطيا انما هو من توجيه الرسول (ص) إذ كان يأمر بوضع آيات القرآن في مواضعها المحدودة لها من قبل الله تعالى ، كما يظهر ذلك من ملاحظة سياق الذكر ويدل عليه التاريخ.
إذا فلما ذا جعل القرآن ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ على رأس كلّ سورة ، فإن لم تكن هذه الآية قد نزلت فمن المستحيل على الرسول أن يضيفها من تلقاء نفسه ، وإلّا فلما ذا لم يكرر آية أخرى أو كلمة أخرى؟!
فان أيّة آية جديدة تنزل من السماء مرة جديدة ، لا بدّ أن تحمل فكرة جديدة أيضا ، ففي تفسيرنا للآيات القرآنية ، وفي معرفتنا للسورة القرآنية وموضوعاتها يجب أن نبحث عما يميزها عن سائر الأمور ، في نفس الوقت الذي نبحث عن الخطوط العامة المشتركة بينها وبين سائر السور.
فآيات القرآن متشابهات (بعض آياته مثل بعضها) لأن أصولها واحدة وبلاغتها واحدة ، وفي نفس المستوى ، إذ كلّ آيات القرآن تدل على الاعجاز ، كما تدل على انها من الله ، وليست من البشر ، ولكن ـ في نفس الوقت ـ نجد ان لكلّ آية من آيات القرآن موضوعا خاصا بها ، وموضوعات أعمّ بالنسبة الى سياقها ، وأعمّ بالنسبة الى السورة الواحدة التي نجد الآية فيها ، فما هو الموضوع الرئيسي في سورة طه؟
أكثر من تسعين آية من آيات هذه السورة البالغة مائة وخمسة وثلاثين آية تبحث قصة موسى ، والأربعين آية الباقية منها تبحث مواضيع شتى ، من بينها قصة أبينا آدم عليه أفضل الصلاة والسلام ، وسبب خروجه من الجنة ، وكيفية إغواء إبليس له.
فهل هذه السورة كسورة يوسف ، حيث تبحث عن قصة موسى ، كما كانت