«ولقد قام رسول الله عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورّمت قدماه ، واصفرّ وجهه ، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال الله عزّ وجل ـ (طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ـ بل لتسعد به» (١)
والتفسير صحيح ، وهو سبب النزول ، ولكن القرآن الحكيم ليس خاصا بشخص الرسول الكريم فقط ، وانما نزل كما في حديث للإمام الصادق (ع) على لغة (إياك أعني واسمعي يا جارة) ، ونستفيد من هذه الآية أن صاحب الرسالة ينبغي أن لا يشقي نفسه لان الناس لا يؤمنون ، ولا أن يكلف نفسه فوق طاقتها في تحمل واجبات الرسالة ومندوباتها ، وقد أجهد الامام الحسن عليه السلام نفسه بالعبادة مرة فنهاه والده أمير المؤمنين (ع) قائلا : يا بني ان هذا الدين متين فأوغل فيه برفق.
[٣] (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)
فاذا خشي الناس واعتبروا فلهم جزاؤهم ، وإلّا فليس عليك من أمرهم شيء.
والقرآن تذكرة لمن يستفيد منه ولمن يوجد في ذاته الاستعداد لذلك ، كما الأرض لا تستفيد من المطر إلّا بشرط أن تكون مستعدة لاستقباله ، وكذلك قلب الإنسان لا يستفيد من بركة الرسالة ، إلّا بشرط استعداده لاستقبالها واستعداده بالتذكرة والخشية.
ومن الذي يخاف؟
هل المجنون أو الطفل الصغير؟ أم الإنسان الهائج الذي أذهب الغضب عقله ، أو الغافل الذي حجبت الغفلة عقله؟ كلا .. انما يخاف الذي ينظر الى المستقبل ،
__________________
(١) المصدر.