أما أن تكون صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة ، فان كانت صلاته جائزة ، جاز له لبسها في تلك البقعة إذا لم تكن مقدسة ، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة ، وإن كانت صلاته غير جائزة فيها فقد أوجب على موسى عليه السلام : أنّه لم يعرف الحلال من الحرام ، وعلم ما جاز فيه الصلاة ، وما لم يجز ، وهذا كفر ، قلت : فاخبرني يا مولاي عن التأويل فيها : قال صلوات الله عليه : ان موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك ، وكان شديد الحب لأهله ، فقال الله تعالى : «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل الى من سواي مغسول.
(١) والسؤال الآخر : ما هي العلاقة بين خلع النعلين وبين الوادي المقدس طوى؟
العلاقة ان الإنسان في الأماكن المقدسة والمشرّفة ، يجب أن لا يكتفي بخشوع قلبه ، وانما يجعل مظهره بشكل يدل على أنه خاشع لله سبحانه.
لذلك يستحب في بعض الأماكن المقدسة أن يتحرك الإنسان إليها بخطي وئيدة ، لكي تدل طريقة مشيه على انه خاشع ، وهكذا أمر الله موسى بأن يخلع نعليه في ذلك المكان المقدس الذي لم يقدس لذاته ، وانما لأنه ينتسب الى من هو متصف بالقدسية ، أو ليس أوحى الله سبحانه في هذا المكان ، أو ليس الوحي مقدسا؟
الوادي المقدس «طوى» هو في جانب طور سيناء ، وسبب قداسته حسب حديث الرسول (ص) لأنه قدست فيه الأرواح ، واصطفيت فيه الملائكة ، وكلّم الله عزّ وجل موسى تكليما. (٢)
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٣ / ص ٣٧٣ ـ ٣٧٤.
(٢) نور الثقلين / ج ٣ / ص ٣٧٤.