٣ / أن يكون مرضيا عند الله وعند الناس.
وهذه هي الصفات التي ينبغي أن تكون في الوارث ، وزكريا لم يقل ولدا بل قال وليا ، وهذا طلب عام ، فليس المهم الولد بل المهم أن يكون الوارث امتدادا للموروث حتى لو كان من غير ولده.
[٧] (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا)
سوف نرزقك ولدا ، يحمل مواصفاتك ، ورسالتك ، وسوف يقوم بعمل جديد لم يسبقه اليه أحد ، وهذا منتهى رغبة الإنسان في الولد : أن يكون وارثا له ومكملا لخطّه ، فإذا قام بعمل اسلامي ولم ينتصر فيه ، فان ابنه يواصل هذا العمل ، بنفس الاندفاع والحماس الذي كان عنده حتى يكتب له النصر ، وكان زكريا وارث أموال كثيرة عبر زوجته التي كانت من نسل النبي سليمان (الذي وهب له الله ملكا عظيما ، ولم يكن له مثيل) ، وكان يخشى على هذه الأموال أن تصرف في أي طريق غير طريق الله ، وكان في ذات الوقت الحبر الأعظم ، وخشي ان يرثه في هذا المقام الديني واحد من أولاد عمه غير اللائقين بمقام قيادة الأمة.
وقد استجاب الله له دعاءه ، وآتاه من لدنه فضلا حيث رزقه يحيى. ذلك الوليّ الذي ليس فقط ورث أمجاد الماضي التليدة ، بل ويفتح عهدا جديدا حافلا بالمكرمات ، إذ لم يجعل الله له سميا ، ولعلّ في الآية اشارة الى أمرين :
أولا : ان يحيى (ع) سوف يحقق المزيد من الانجازات ، لا توجد في التاريخ الرسالي السابق له ، بلى .. ان يحيى قاوم السلطات الجائرة التي استولت على قيادة النصارى ، وضحى بنفسه في هذا السبيل ، وكان مثله بين أتباع عيسى (عليه السلام) مثل الامام الحسين (ع) في أمة جده محمد (ص).