بخطرات تخطر على قلبي ...» (١) كلّ ذلك بوحي من الله سبحانه وتعالى ، ولكن ذلك يتجلّى عند موسى (ع) بشكل أكبر ، ليرمز به الله سبحانه في وحيه الى الناس .. كلّ الناس .. في سائر الظروف.
[٣٩] (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ)
قالوا : بأن أم موسى (ع) حينما جاءها الوحي أن تصنع تابوتا لم تعرف كيف تصنع التابوت ، فجاءها جبرئيل وعلّمها كيف تصنع التابوت ، ثم بطنت داخل التابوت بالقطن ، لتمنع تسرّب الماء الى داخله ، ثمّ أغلقت التابوت على موسى ، فقذفته في اليم ، واليم هنا هو نهر النيل.
(فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ)
أي يقذفه النيل الى الشاطئ ، ولكن أيّ شاطئ؟! انه بيت فرعون ، وهنا نلاحظ بوضوح كيف تسخر الطبيعة في خدمة الإنسان.
من مأمنه يؤتى الحذر :
(يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ)
لما ذا يربي الله موسى (ع) في بيت عدوه؟
لأنّ الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول للبشرية جميعا : أيها البشر! أنا خالقكم وأموركم بيدي ، فها أنا ذا أربي موسى في بيت فرعون عدوي وعدوه ، تحت عيني فرعون ، ثمّ أسلطه عليه ، وهذا دليل على أن قوة الله وقدرته قد تأتي من داخل قصور
__________________
(١) كليات مفاتيح الجنان / ص ٤٣.