الفكر الرجعي :
[٥١ ـ ٥٢] (قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى * قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى)
الأفكار التي تتشبث بها يا فرعون! هي أفكار القرون الأولى ، ويبدو أن الطغاة ينصبون من أنفسهم مدافعين عن التقاليد والعادات ، وذلك لهدفين :
أولا : إيهام الناس بأنهم يدافعون عن مقدساتهم ، وبالتالي فهم أجدر بالسلطة من غيرهم.
ثانيا : الخوف من التغيير ، لأنه قد يحمل معه ما يهدم سلطانهم ، ذلك إن أبرز خصائص النظام السياسي هو الثبات.
هكذا تساءل فرعون عن مصير السابقين ، هل هم في الجنة أم في النار ، وإذا كانوا كفارا فلما ذا لم يعذبهم الله في الدنيا ، فأعرض موسى عليه السلام عن الاجابة المباشرة ، ببيان السنة الالهية العامة ، وان عند الله علم هؤلاء في كتاب ، وبالتالي فان حسابهم محفوظ ، وتأخير العذاب لا يدل على نفيه ، كما ان الله يحكم عليهم بالقسط ، ولا يظلم أحدا شيئا ، وان هذا الكتاب لا يسجل باطلا ولا يمحى عنه شيء ، فلا يضل ولا ينسى.
ثمّ أشار موسى الى صفات الربّ ، لعل فرعون يخشع قلبه لذكر الله ، ومن لم يلن قلبه لذكر الله ، فانه أقسى من الصخور الصماء.
[٥٣] (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً)
أي جعل الأرض بحيث تستطيعون البقاء عليها ، إذ لو كانت الأرض من حديد أو رمال متحركة أو أسمك قليلا ، أو أرق قليلا ، لتغيرت معادلة الحياة