والتعبير القرآني غاية في الوضوح حيث يقول : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) فهي في الحقيقة لا حراك لها ، وما الحركة الظاهرة إلّا بتأثير الخيال السحري.
[٦٧] لقد تحدّاهم موسى (ع) وهو يعرف بأنهم على باطل وانه على حقّ ، ومع ذلك تسرب الخوف الى نفسه حيث قال الله :
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)]
فلما ذا خاف موسى؟
لهذه الآية تفسيران :
الأول : هو أن موسى (ع) بشر كسائر الناس ، من حيث الذات والبنية الجسدية والنفسية ، ولذلك ساوره الخوف ، والملاحظ أنه كلما تحدث القرآن الحكيم عن معجزات الأنبياء ، تحدث في ذات الوقت عن جانب من ضعفهم البشري ، كالخوف والعجلة والجزع والميل في اتجاه الضغوط ، إلّا أنّ هذا الجانب سرعان ما يتلاشى بتأييد الله.
وذلك حتى لا يظن البشر أنّ الاعجاز نابع من ذاتهم ، فيقدسونهم ويؤلهونهم ، ولكي يكونوا حجة على الناس ويقطع عنهم سبل الأعذار.
الثاني : إنّ موسى (ع) لم يكن خائفا على نفسه ، بل خشي أن يستأثر السحرة بقلوب الحاضرين فلا ينفعهم بعد ذلك إعجازه شيئا.
[٦٨] (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى)
وتدلّ هذه الآية على التفسير الثاني بما تحمل من تطمين لموسى بأنه هو الغالب ، وهذا النوع من التخوف موجود لدى كلّ الرساليين ، فهم يخشون من وسائل الاعلام