الأمر الأول : ان التربية المثالية التي يتوجب على الوالد أن يقوم بها تجاه ابنه ينبغي أن تسير في عدة خطوط :
١ / أن يتطلع الوالد الى أن يكون ابنه امتدادا له ، ومجسّدا للميزات التي تتصف بها عائلته ، فالإنسان وريث حضارة قد تعب من أجلها الآخرون ، وقد تراكمت التجارب البشرية حتى تحولت الى حضارة ورثها الفرد ، كما ان تجاربه هو ، ومكاسبه ، وخبراته ، قد تجمعت هي الأخرى ، وتراكمت عنده وتحوّلت الى قواعد سلوكية ، وقيم انسانية ، وعمرانية ، كل ذلك يتجمع عند الإنسان ، وعليه أن يسلمها الى الجيل الثاني ، وهذه هي مسئولية الإنسان كما هي رغبته الفطرية ، وان رغبة الإنسان الفطرية تتلخص في كلمة وهي : أنه يريد أن يرى إذا أغمض عينيه ، ورحل عن الحياة ، من يتابع مسيرته ، ويجسد قيمه ، ويحتفظ بخبراته ومكاسبه.
٢ / ينبغي أن يكون الوالد عالما ، بأن الجيل القادم سوف لا يكون بالضبط مثل جيله ، بل سيكون جيلا له خبراته ، وعليه مسئولياته ، وله ظروفه الخاصة ، وبالتالي ينبغي أن تتوجه تربيته لابنه باتجاه بناء الجيل القادم ، حسب ظروف ومتغيرات ومسئوليات ذلك الجيل ، ليعيش أبناؤه لمبادئهم المتطورة كما يعيشون ماضيهم التليد ، ولكي لا يكون لهم بعد واحد هو تكرار الماضي ، واجترار ما فيه ، بل يكون لديهم بعد آخر هو بناء الحاضر والتطلع للمستقبل.
٣ / أن يربي الإنسان أبناءه على الارتباط بالماضي ، وعدم الانفصال عنه ، وأحد نتائج ذلك هو : أن الأب عند ما تقعد به السنون عن العمل ، ويصبح جليس البيت ، فان ابنه لا يتركه وحده ، بل يحنّ اليه ، ويكون بارا به.
وهكذا فان الصفات التي تتكون عند الأبناء هي : أن يكونوا امتدادا للحضارة التليدة وحماة لها ، بل يكونوا بناة لحضارة جديدة ، وهذه الصفات الثلاثة تجسّدت في