أكبروه قبل لحظات هباء منثورا.
وبالفعل فقد جاءت النتيجة عظيمة إذ تجاوز الأثر الناس الى أعماق السحرة.
(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى)
لقد كان التأثير بالغا ، بحيث وقع السحرة سجدا منهارين أمام نور الحقيقة ، فكأنهم ألقوا بغير إرادتهم ، وفي الآية إشارة الى هداية الله بأنها العامل الحاسم في سجودهم.
والسجود هو قمة العبودية والخضوع أمام الله ، ولم يكن هذا السجود هيكليا إذ احتوى أسمى معانيه ، وهو الاعتراف بالعبودية لله.
والسؤال : لما ذا يذكر الله هارون في هذه الحادثة ، مع أن موسى هو الذي واجه السحرة مباشرة ، وكان الحديث حتى الآن عنه وحده؟
هناك سببان رئيسيان؟
الأول : إنّ هارون كان الناطق باسم موسى ، وهو معروف في أوساط المجتمع.
الثاني : هناك دائما قيادات ثانية تتمثل في الأوصياء والصالحين ، ويقتضي الموقف السليم ، أن تبرزها القيادات العليا في اللحظات الحاسمة ، كلحظة الانتصار ، حتى يتأكد دورها في المجتمع ، وهكذا نجد في تاريخ الرسالة الإسلامية أنّ النبي (ص) أعطى الراية لعلي (ع) حتى حين دخلوا مكة فقال (ع) : «اليوم يوم المرحمة اليوم تصان الحرمة» ، كما إنّه (ص) رفض دخول المدينة حتى يأتي علي (ع) ، وذلك ليعرف دوره في أداء الرسالة.