[٧١] ولكن هل كان فرعون يقبل بالحقّ أو يعترف بالهزيمة ، أو حتى يسمح للآخرين بذلك؟
كلا ..
(قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ)
لقد كان نظام فرعون قائما على الديكتاتورية المطلقة ، ونرى كيف أنّ الطغيان بلغ بفرعون حدا سلب الناس حريتهم في معتقداتهم.
ولكن الإيمان بالله يقاوم الدكتاتورية ، ويعطي الاستقلال ، فالتبعية التي وقع فيها السحرة انتهت بمجرد إيمانهم بالله تعالى ، والإنسان إنّما يكون تابعا بسبب إحساسه بالضّعة ، فيعتقد أنّه يقوى نفسه ويصبح عظيما حينما يربط مصيره بالطغاة وأصحاب القدرة ، ولكنه يثق بنفسه حينما يتصل بنبع الإيمان ، إذ يعطيه الإيمان العزة وروح الاستقلال.
وحينما أحسّ فرعون بانفصال السحرة عنه ، حاول أن ينتقم منهم ، فأخذ يبحث عن مبرر للانتقام فقال :
(إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ)
وهذا ديدن الطغاة مع المؤمنين ، وسائر أطراف المعارضة الحقيقية ، إنّهم يلصقون بهم التهم الرخيصة ، لتبرر تعسفهم وممارساتهم الجائرة بحقهم.
(فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى)
وكان الصلب قديما يتم ـ فيما يبدو ـ بمدّ يدي الإنسان على خشبة ، ثم يدقون