ومن العجب أن بعض المؤرخين يفلسف عبادة الطوطم ، والكواكب ، والأصنام ، ببعض التحليلات المعقدة ، علما بأنها لا تحتاج الى كل ذلك إذ أنها من طبيعة الإنسان ، ففي يوم كانوا يعبدون الحيوان الذي يخافونه لأنه كان يرمز الى القوة. فبعضهم كان يعبد الفيل ويعتبره رمزا للقوة ، وبعضهم كان يعتبر الأسد رمزا للقوة فيعبده. أما هذا اليوم فيعتبرون الأباطرة والملوك رمزا للقوة فيعبدونهم. فاذا أردنا أن نصل الى عبودية الله علينا أن نتجاوز الأشياء لخالقها ، والشيئية الى القيم ، والشهود الى الغيب.
وهكذا هبط بنو إسرائيل الى درك الشرك ، فور ما تعرضوا لفتنة السامري. فلما عاد إليهم موسى (عليه السلام) ، وجه خطابه الى هارون أولا :
[٩٢ ـ ٩٣] (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)
ولعل السبب كان :
أـ أن هارون كان خليفة عليهم والقيادة الشرعية المسؤولة عنهم فكان أول من يسأل عنهم.
ب ـ أن موسى (ع) لن يهادن أحدا في قضايا التوحيد حتى ولو كان وصيه وخليفته هارون.
ج ـ أن موسى (ع) أراد أن يوضح لجماهير بني إسرائيل ، أن قضية التوحيد ليست هينة ، وأنه حتى هارون (ع) ، يتعرض للسؤال بل للمحاكمة ، حتى يثبت أنه قد أدى وظيفته بالنسبة إليها ، كيف وأن الله سبحانه يسأل المرسلين في يوم القيامة عن أممهم ، وكان موسى (ع) قد أوصى أخاه قبل مغادرته الى الطور قائلا :