على والديه أو على الناس.
[١٥] (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)
ان من الأمور التي كان قد طلبها زكريا هي أنه قال : «وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا» ، وفي هذه الآية نرى استجابة الله تعالى لهذا الطلب ، فقد عاش يحيى سالما ، ومعه السلام ، فالمجتمع أحبّه ، والله أحبّه ، وفي المستقبل ـ بعد موته ـ سوف يحبه الناس.
ان يحيى قد استشهد في سبيل الله ، ولكن الشهادة في نظر الإسلام تعتبر سلاما بالنسبة إلى المؤمن ، فالإنسان إذا كان يجب أن يموت ولا بد! فلتكن ميتته الشهادة ، ليحصل على السلام الذي يعني النجاة والخير ، بلى ان للإنسان ثلاثة مواقع صعبة عليه أن يمرّ بها : يوم يولد ، و(يَوْمَ يَمُوتُ ، وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) ، وإذا كان في هذه الأيام الثلاثة محاطا من قبل الله بالسلام فانه سعيد حقا ، جاء في حديث مأثور عن الامام الرضا (ع) انه قال :
إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاث مواطن ، يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيرى الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلّم الله عز وجل على يحيى في هذه الثلاثة المواطن ، وآمن روعته فقال : «وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا» وقد سلّم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال : «وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» (١)
(وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) :
[١٦] (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا)
تلك كانت قصة يحيى وأبيه عليهما السلام ، وبعدها يبدأ ربنا سبحانه في سرد
__________________
(١) المصدر ص ٣٢٧.