قصّة مريم وابنها عيسى عليهما السلام حيث جلست مريم في مكان شرقي ، في الغرفة التي بنيت في شرق بيت المقدس ، ولعلّ معنى «انتبذت» تنحت عنهم ، تواضعا لله ، وجلست مكانا لا يتردد عليه أحد ، كما ان اختيارها للجانب الشرقي ربما كان لأنه الأقرب الى الطهارة لشروق الشمس عليه.
[١٧] (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً)
أي جعلت حجابا بينهم وبين نفسها لكي تتفرغ لعبادتها بإخلاص دون أن يشغلها أحد ، ولعل الآية توحي بأن صلاة المرأة في المخدع أفضل من غيره ، وجاء في الحديث :
«مسجد المرأة بيتها».
(فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا)
هنا ارتاعت مريم الصديقة الطاهرة (عليها السلام) فلأول مرة في حياتها ترى بشرا سويّا يأتيها ، ولم تعرف لما ذا أتى؟ وما هو هدفه؟ خصوصا وإنها قد احتجبت عنه ، ومجرد دخوله عليها من دون إذنها كان أمرا عجيبا.
وتمثّل الروح هو ظهوره في هيئة معيّنة ، والهيئة التي أرادها الله لروحه كانت على هيئة بشر سوي ، متكامل ، لعله لامتحان مريم الصديقة العذراء ، باعتبار ان البشر السوي أكثر إثارة لغرائز المرأة.
[١٨] (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)
كانت شجاعة ، وكانت مؤمنة ، وعرفت كيف تتعامل في الموقف الصعب ، فتوجهت الى ذلك الرجل قائلة : إنّي أعوذ بالرحمن منك لو كنت تقيّا ، فحذّرته من