ولما خدع الشيطان آدم أنزله الله الى الأرض ليخوض صراعا عنيفا بين الحقّ والهوى ، بين من يتبع هذا ومن يتبع ذاك ، وهذا ما يجعل الإنسان محتاجا الى رسالات الله لتهديه الى سبيل الرشاد والسعادة ، فمن اتبع هدى الله فلا يضل عن الطريق ، ولا يصيبه الشقاء ، أما من اتبع هواه وأعرض عن ذكر الله ، فانه يخضع لضغوط الشهوات ، ويعيش في زنزانة الجهل والجهالة ، ويصاب بمعيشة ضنك ، أما يوم القيامة فيبعث أعمى ، وحين يتساءل عن ذلك يأتيه الجواب : أو لم تنس آيات الله؟ بلى فأنت اليوم تنسى.
إن المسرفين الذين يكفرون بآيات الله لهم عذاب شديد ، في الدنيا ـ كما أهلك الله القرون الغابرة وأشدّ منه وأبقى في الآخرة.
إنّ الله سبحانه وتعالى يهمل الكفار لأجل مسمّى ، ولو لا ذلك لأخذهم بكفرهم.
بينات من الآيات :
[١٢٣] (قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)
لقد هبط آدم وزوجته فقط ، وقد أكّد القرآن ذلك حين جاء الحديث بلفظ التثنية (اهْبِطا) ، ولكنه بعدئذ يقول : (جَمِيعاً) فلعلّه يضم إبليس معهما ، ثمّ يقول : (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) بصيغة الجمع ، لما ذا؟
لأنّ آدم لم يختلف مع زوجته في الأرض أبدا ، بل ظلّ على وئام معها ، حتى صارت لهما ذرية فانقسم هؤلاء ، فمنهم من اعتنق مبادئ الخير ، ومنهم من اعتنق مبادئ الشرّ ، فنشب الصراع بين الطرفين.
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى)