ان موقف الإنسان من نعم الله المادية هو موقفه من نعمه الرسالية المعنوية ، فترى الذين لا يرضون بنعم الله عليه ويمدون أعينهم أبدا الى ما لا يملكون من النعم ، لانعدام الشكر والرضا والطمأنينة عندهم ، هم الذين يطالبون الرسل أبدا بآيات جديدة ، ولا يرضون بما أنزل الله معهم من آيات مبينات.
[١٣٣] (وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ)
انهم يطالبون بآية جديدة تشهد على صدق الرسالة فيجيبهم الله :
(أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى)
لقد أحاط الله رسوله ورسالته بالآيات الواضحات ، كالأخبار التي جاءت في الصحف الأولى (التوراة والإنجيل ، ...) التي تنبئ كلها بقدوم النبي محمد (ص) ، وتذكر سائر الصفات والأحوال المتصلة به ، وقد تحققت امام أعينهم صدقا وعدلا ، ولكن عمى قلوبهم وطلبهم المزيد من الآيات منعهم من الايمان بها.
[١٣٤] ان العيب موجود فيهم حيث لا تقنع بمعطيات الواقع ، ولا ترضى بحكم الله ، فاذا بعث الله إليهم رسولا منذرا مؤيدا بالحجج والآيات الواضحة اعرضوا عنه وعنها ، وقالوا نريد معجزات حسبما تراها أعيننا وتلمسها أيدينا ، وحين ترسل إليهم الآيات المدمرة يقولون لقد كنا على استعداد للايمان لو أرسل الله إلينا رسولا ينذرنا بهذا المصير.
(وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى)
ان موقفهم المتعصب لا يعطيهم فرصة للايمان بالله والخضوع لحاكميته ، ولو كانت الآيات مليء الأرض والسماء ، ذلك ان الآيات لا تنفع بدون العقل والتفكر