ذلك إنّ سورا أخرى تحدثنا أيضا عن الأنبياء ، ولكن من زوايا مختلفة مثل طبيعة الصراع الاجتماعي أو السياسي الذي خاضوه (مثل سورة القصص) أو الأذى الذي لحقهم وكيف استقاموا حتى نصرهم الله (مثل سورة هود).
إن الشعور بالمسؤولية ، قمة الوعي وإن السبيل إليه مقاومة حالة الغفلة والسهو ، والتي لا تتحقق إلا بالإنذار باقتراب موعد الحساب!
وقد جاء النبي يذكرهم إلّا انهم استمعوا الذكر وهم يلعبون ، لان قلوبهم لاهية ، لا تستقر على فكرة.
وبعد أن يذكّر السياق بان إعراضهم عن الذكر بادعاء إنّه سحر ، أو حلم مختلط ، أو افتراء ، أو خيالات شاعر. وبالتالي تبريرهم التكذيب بالحق ، باننا نبحث عن آيات جديدة ، بعدئذ ينذرهم : بأن الهلاك هو مصير المكذبين (١١).
ويبين القرآن : إنّ الحياة جد لا لعب ، وأنّ الله خلق السماوات والأرض بالحق ، وبالتالي لا ينبغي اتخاذها لعبا ولهوا ، (١٦) ويؤكد ذلك بان الملائكة (وهم الأعرف والأقوى منهم) يعبدون الله بجد ويسبحونه وله يسجدون (١٩) ولأنهم يهربون من المسؤولية عادة الى كنف الآلهة فيزعمون انها تنقذهم من جزاء أفعالهم يذكرهم الرب بأنه الله الواحد (٢٠) ويستمر السياق بذكر التوحيد والشواهد الفطرية عليه (٣٠) ثم يعود بعد تزييف فكرة الشرك التبريرية ، ليهز الإنسان من أعماقه بذكر الموت ، وان كلّ نفس ذائقة الموت ، حتى النبي الكريم عند ربه (٣٤).
أما الاستهزاء (وهو صورة اللهو وعدم الجدية في استقبال القضية المصيرية) فان عاقبته الدمار (٣٦).