وبعد تفنيد الشرك والاستهزاء يعالج القرآن حالة الاستعجال (٣٧) (حيث إن الإنسان يبعد المسؤولية عن نفسه بالادعاء انه لو كان لكلّ فعل جزاء فلما ذا يتأخر الجزاء).
ويعود السياق ليبيّن مصير المستهزئين (٤١) ويقول ان الله هو حافظكم في الليل والنهار فاحذروه (ولا تستهزؤوا به) وانه هو الذي يكلؤكم لا أحد غيره ، وان الآلهة لا تمنع عنكم العذاب (٤٣).
واستمرار النعم ، قد يوحي الى الإنسان بأنّه لا نقم ولا جزاء في الحياة ، ولكن الرب يذكرنا بأن نظرة الى الأرض كفيلة بإثبات هذه الحقيقة : ان الله غالب على أمره (٤٤).
إن من يلهو لا ينتفع بالوحي لأنه الصمّ ، وهل يسمع الصم الدعاء (حتى ولو تمّ إنذارهم بالخطر المحدق بهم) (٤٥).
إنهم يعترفون بذنبهم إذا أصابتهم نفحة بسيطة من عذاب الله ، فكيف يغفلون عن الموازين القسط الدقيقة التي وضعت ليوم القيامة؟ (٤٧).
لهذا الهدف وهو تذكرة الإنسان ، وإيقاظ ضميره ، واستثارة عقله ، جاء الأنبياء ، يحملون معهم الذكر ، والله أيدهم بنصره فأهلك المكذبين بهم ، والمستهزئين. وأنقذهم ، ومن آمن معهم من العذاب ورفع كلمتهم ، وهكذا يقصّ علينا القرآن قصة موسى وهارون (والنبي محمد (ص)) وإبراهيم ولوط واسحق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيوب وإسماعيل وإدريس وذا الكفل وذا النون وزكريا ويحيى ومريم وابنها (عيسى) ويبيّن كرامتهم عند ربهم وشهادة الصدق على رسالتهم الواحدة حيث ان الاختلاف جاء من قبل الناس أنفسهم (٩٣).