إن القلوب اللاهية لا تتقبل حقائق الحياة ، ولا تتفاعل معها ، تماما كالأحجار الصلدة التي كلما صببت عليها الماء فانها ترفض أن تحتفظ بقطرة واحدة منه.
(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)
لما ذا كان حديثهم بينهم نجوى؟
لأنهم يخافون أن يفتضحوا أمام الملأ بسبب ضعف موقفهم العلمي أمام شواهد الصدق التي تميزت بها الرسالة ، ولأنهم انهزموا في واقع أنفسهم أمام قوة الرسالة ، فلم يجدوا بدّا من المؤامرة في السر ضدها! ولان ادعائهم بأنها سحر كان واضح البطلان فاحتاجوا الى التواطئ عليه في السر ، فالسحر شيء والرسالة شيء آخر ، السحر يداعب خيالهم بينما الرسالة تثير عقولهم.
[٤] (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
إنّ الإنسان يبرّر عمله أمام الآخرين ما دام يعلم إن تبريره يمكن أن ينطلي عليهم ، أما إذا علم أن هناك من يعرف حقيقة أمره ، فانه سيخجل من ذاته ، ويكف عن انحرافه إن كان أهلا للموعظة.
لذلك ذكر النبي (ص) المشركين بأن الله يعلم إنّ كلامهم باطل وهم بدورهم يعلمون ذلك ، فلما ذا يتحدثون به؟ ثمّ إنّ رسولهم الذي جاء بالذكر هو أول من يحذر ربّه ، لأنه يعرف أنّه يعلم القول في السماء والأرض ، فكيف يمكن أن يفتري عليه وهو الشاهد الناظر؟
[٥] (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ)