بينات من الآيات :
جزاء الظلم :
[١١] (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ)
إنّ نعم الله التي تحوطنا قد توحي إلينا بفكرة خاطئة وهي : بما إن الله أرحم الراحمين فهو لن يعذب أحدا. ولكي ننسف هذه الفكرة ، ونقتلع جذورها من أنفسنا لا بدّ لنا من قراءة التاريخ ، والسير في الأرض لنرى آثار الماضين كيف انتهوا وكيف جاءهم عذاب الله ، فان الله سبحانه وتعالى قد قصم كثيرا من القرى ودمرها بظلمها لأنها رفضت أن تؤمن بالحقّ وتنصاع له ، فالقضية ـ إذا ـ جدّية ، وما ينذرنا الله به قد وقع فعلا بالنسبة لمن سبقونا ، لذلك ينبغي أن نخاف فلا نالوا جهدا عن مواجهة هذا المصير السيء.
ونلاحظ في هذه الآية لفتة لطيفة في التعبير القرآني ، حيث يقول : «وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ» ، ثمّ يقول : «وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ» ، فلما ذا لا يقول القرآن وكم قصمنا من قوم وأنشأنا بعدهم قوما آخرين؟ أو وكم قصمنا من قرية وأنشأنا بعدها قرى أخرى؟
والجواب هو حينما يقصم الله سبحانه وتعالى قرية فانه لا يهلك أهلها فقط ، ويترك العمارات والشوارع والمصانع سالمة ، وانما يدمر كلّ شيء فيها ، مرة واحدة ، وحينما ينشئ قوما آخرين فانه لا ينشئ معهم قراهم ، ومعابدهم ومصانعهم ، بل يخلقهم ، وبعد ذلك يقول لهم : اسعوا في الأرض أي اصنعوا حضارتكم بأنفسكم ، فهم المسؤولون عن بناء البيوت والشوارع وتأسيس المصانع.
[١٢] (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ)