سوف يأتيه انطلاقا من ذلك العامل نفسه. فمثلا قوم فرعون كانوا معجبين بالمياه المتدفقة عبر النيل ، حتى إنهم كانوا يعبدون الماء ، وكانوا يختارون في أول الربيع أجمل فتاة عندهم فيلقونها في نهر النيل قربانا لهذا الإله ، وكان فرعون يقول : «وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي» ، فانتقم الله منهم انطلاقا من ذلك الماء نفسه حيث أغرقهم فيه.
وقوم عاد كانوا يفتخرون بالبيوت الصخرية وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ويتصورون إنّ تلك البيوت سوف تخلدهم وتمنع عنهم البأس ، فبعث الله سبحانه وتعالى إليهم برياح كانت تحطم هذه الصخور وتهدمها عليهم ، وهكذا غيرهم. فيكون معنى (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) ارجعوا الى تلك النعم التي بسببها انحرفتم وضللتم لكي تروها وهي تتحول عليكم نقمة.
(وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ)
قبل أن ينحرف الإنسان ، ويظلم الآخرين من أجل الحصول على متاع الدنيا وحطامها ، عليه أن يسأل نفسه أولا : هل إنّ هذه الأشياء ستنفعه يوم الجزاء ، وهل سترفع عنه العذاب عند ما يقع؟! وبعد أن يفكر في الأمر جيدا ، عليه أن يفعل ما يشاء ويتحمل المسؤولية في كلّ أعماله وتصرفاته.
[١٤] (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)
[١٥] لقد اعترفوا بخطئهم وظلمهم ولكن الاعتراف جاء متأخرا! حيث استمروا ينادون على أنفسهم بالويل حتى لحظة النهاية.
(فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ)