وربما زعموا إنّ الملائكة الأشداء هم أولاد الله ، أو لا يعلمون إنهم عباد مكرمون (مقربون الى الله وهذا سرّ قدرتهم) ، وانهم لا يظهرون رأيهم بل يطيعون أمر ربهم ، وان الله تعالى محيط بهم علما ، وانهم لا يشفعون إلّا باذنه ، وانهم يخشون ربهم؟ فكيف يعارضونه؟ وانهم مجزيون على أعمالهم ، فلو قال أحدهم إفكا إنّه إله من دون الله يجزيه ربّه جهنم كما يجزي سائر الظالمين.
بينات من الآيات :
[٢١] من العوامل التي تبعد الإنسان عن إحساسه بالمسؤولية وتعطيه مبررا لتنصله عنها في الحياة هو الاعتقاد بإله غير الله ، أنى كانت صورة ذلك الإله ، وأنى كان اسمه.
بل إن تعلق الإنسان بأيّ شيء تعلقا ذاتيا بعيدا عن الله ، يدعوه الى أن يتقرب الى ذلك الشيء ويجعله واسطة بينه وبين الله في زعمه ، لا لشيء إلّا لكي يتخلص من ثقل المسؤولية ، ذلك لأنه من الصعب جدا على الإنسان الاحساس بأنه مسئول أمام قوة قاهرة عليمة حكيمة محيطة به ، تجازيه على كلّ صغيرة وكبيرة تبدر منه ، لذلك فهو يحاول ـ جهده ـ أن يتهرب من هذه المسؤولية ، ولو لا إحساس المؤمنين برحمة الله لما استطاع أيّ منهم أن يتحمل ضغط المسؤولية على قلبه.
والقرآن الحكيم يؤكد ـ المرة تلو الأخرى ـ على عدم وجود أيّ شيء أو شخص يمكنه أن يقف أمام قدرة الله ، وذلك لكي يواجه الإنسان ربه عاريا عن كلّ التبريرات والحجج الواهية ، وبالتالي يصبح جديا في حياته ، ويترك اللهو واللعب ، ومن ثمّ يتحمل هذا الحمل العظيم وهو أمانة المسؤولية التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا.